الصفحات

التسوُّق بين الفتنة والمتعة..!!

كان من الصحابة من يأتي السوق لإقامة ذِكـرِ الله حال الغفلة .

فقد كان ابن عمر يقول : إني كنت لأخرج إلى السوق وما لي حاجة إلا أن أُسلِّم ويُسلَّم عليّ . رواه ابن أبي شيبة .

***

وكان بن سيرين يدخل السوق نصف النهار يُكبر ويُسبِّح ويذكر الله تعالى ، فقال له رجل : يا أبا بكر في هذه الساعة ؟ قال : إنها ساعةُ غفلة .

وكانت الأسواق تُذكرهم بالآخرة ، فإن ابن مسعود رضي الله عنه ما خرج إلى السوق فمرّ على الحدادين فرأى ما يُخرجون من النار إلا جعلت عيناه تسيلان .

وكان طاووس اليماني إذا مرَّ في طريقه على السوق فرأى تلك الرؤوس المشوية
-من الطعام- لم ينعس تلك الليلة..

وكان عمرو بن قيس إذا نظر إلى أهل السوق بكى ، وقال : ما أغفل هؤلاء عما أُعِـدّ لهم .

وإنما كانوا يحرصون على إقامة ذكر الله في الأسواق
لأنها مواطن غفلة ولغو ولهو ، 
ويعظم أجـر الذّاكرِ لله في مواطن وأوقات الغفلة ،
ولذا كانت صلاة الضحى تعدل 360 صدقة ، 
كما في حديث أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : يُصبح على كل سلامى من أحدكم صدقة ؛ 
فكل تسبيحة صدقة ، وكل تحميدة صدقة ،
وكل تهليلة صدقة ، وكل تكبيرة صدقة ،
وأمر بالمعروف صدقة ، ونهي عن المنكر صدقة ، 
ويجزئ من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى
رواه مسلم .

ومن هذا الباب عِظم أجر الذاكر في السوق .

وكان مالك بن دينار يقول : السوق مكثرة للمال مذهبة للدِّين .

هكذا كانوا مع الأسواق .

فكيف أصبحت أحوالنا مع الأسواق

أصبحنا نُسمّيها :

((( متعة التسوق ))) !!!

فنعوذ بالله من أحوال أُناسٍ لا يجدون الراحة والمتعة إلا في مواضع الفتنة . فيُسمّونها : مُتعة التّسوّق !

يجودن راحتهم في الأسواق التي هي أبغضُ البلاد إلى الله .

قال عليه الصلاة والسلام : أحب البلاد إلى الله مساجدها ، وأبغض البلاد إلى الله أسواقها . رواه مسلم .

وما ذلك إلا لأن المساجد أماكن العبادة وذِكرِ الله عز وجل .

بينما الأسواق هي أماكن الغفلة .

وحذّر رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم من المنازعات والخصومات التي تقع في الأسواق

فقال : إياكم هيشات الأسواق . رواه مسلم

قال النووي : أي اختلاطها والمنازعة والخصومات وارتفاع الأصوات واللغط والفتن التي فيها .

وحذّر السلف من كثرة دخول الأسواق .



قال سلمان – رضي الله عنه – : لا تكونن – إن استطعت – 
أول من يدخل السوق ، ولا آخر من يخرج منها ، 
فإنها معركة الشيطان وبها ينصب رايته .
رواه مسلم .


وقال أبو عثمان : إن السوق مبيض الشيطان ومفرخه ، فإن استطعت أن لا تكون أول من يدخلها ولا آخر من يخرج منها فافعل .

وفي الأسواق تجتمع الشياطين للتحريش بين الناس وحملِهم على المفاسد سواء ما كان منها في التعامل والمعاملات ، أو ما كان منها في فساد الأخلاق وشَيْن الطبائع .

ومن عجبٍ أن أفضل الأوقات وأحبها إلى الله تُقضى في الأسواق ، فيقضون ليالي رمضان في الأسواق والتّسوّق .

وإذا قيل لهم في ذلك .
قالوا : تُريدوننا نحضر الأعياد بملابس قديمة !!
لا . لا نُريد لكم ذلك ، ولكن هلاّ كان ذلك قبل ذلك ؟
أي قبل مواسم الخيرات .


وأشدّ ما تكون فتنُ الأسواق في العشر الأواخر من رمضان،
في تلك العشر التي هي أفضل 
ليالي الشهر بل أفضل ليالي العام
فتضيع تلك المواسم بين
السوق والمطبخ .


وتتدافع النساء في تلك الأيام
على شراء ملابسِ العيد .


ووالله إن الواحد مِنّـا ليدخل لتلك الأسواق ، فما يجد قلبه الذي كان يجده قبل دخول الأسواق !

فيكون الرجل أو المرأة بين بيته ومسجده ومصحفه في أيام وليالي رمضان 
ثم تعرض له الحاجة فيدخل السوق،
فيتغيّر عليه قلبه .

وقد يقول بعض الناس إنه لا يجد ذلك ولا يُحسّ به !


فالجواب ما قاله ابن القيم-رحمه الله-
مرض القلوب لا يُشعر به غالباً .


أو قوله : وقد يمرض القلب ويشتد مرضه 
ولا يعرف به صاحبه لاشتغاله وانصرافه عن معرفة
صحته وأسبابها ، بل قد يموت وصاحبه لا يشعر بموته،
وعلامة ذلك أنه لا تؤلمه جراحات القبائح 
ولا يوجعه جهله بالحق ، فإن القلب إذا كان فيه حياة 
تألّم بورود القبيح عليه ،
وتألّم بجهله بالحق بحسب حياته .
وما لجرح بميت إيلام .
انتهى .


وإن كثيراً من النساء أضعن ليالي الشهر الكريم بين الأسواق ، 
فلو سُئلت إحداهن كم سوق دخلته في رمضان ، لغلِطت في العـدّ !

ولو سُئلت كم مرة قرأتِ القرآن ، لما ردّت !!

وإن كانت غير قارئة للقرآن لقالت : لا أُحسن القراءة !

ألا تُحسنين قراءة سورة الإخلاص

( قل هو الله أحد ) كرريها عشر مرات ، ففي كل عشرٍ قصر في الجنة . كما في المسند وغيره ، وحسنه الألباني .

تقول مُعلِّمة خليجية عن زميلتِها :
كانت تقوم بالتدريس معنا فتاة تلبس النادر 
من الثياب والحُليّ ... تقول :
وحاولت مُجاراتِها على حساب بيتي وزوجي وأولادي 
...
إلى أن قالت : وقدّر الله أن تموت تلك المُدرِّسة 
في حادث وتأسفنا عليها وبعد ثلاثة أشهر
اكتشفنا أنها غارقة في الديون وأن أهلَها 
يستجدون أهلَ الخير لسداد الديون ،
تقول : فقلت لا للترف والمظاهر .

وفي الأسواق ربما أُضيعت بسبب التسوّق الصلوات ،
وعُصي رب الأرض والسماوات ..

وإذا كان هذا يُستقبح في غير رمضان فهو في رمضان أشد قُـبحـاً وأعظم جُرماً .

ذلك أن رمضان شهر الغُفران ، فمن لم يُغفر له في رمضان فمتى يُغفر له ؟

\
\

النساء وأهداف التسوّق :
منهن من تخرج للسوق دون غايةٍ أو هدف ، فتقول بعض النساء نريد زيارة السوق ، ولما تُسأل : لماذا ؟ وماذا تُريدين ؟ تقول : إن لقينا شيء زين اشتريناه !

فالخروج أصلاً لم يكن لهدف ، وإنما لإزجاء الوقت ، وإضاعة المال ، وربما الدِّين .

ومنهن من تخرج وتُخْرِج معها أهلَ بيتها ، حتى تُرى المرأةُ الكبيرةُ في السن والتي بلغت من الكِبر عِتيّا تُجَرُّ في الأسواق دون ذنب أو جناية !

فهل تذكّرت تلك النسوة أنهنّ مسؤولاتٌ عن أعمارِهنّ .

فلن تزول قدما عبدٍ يومَ القيامة حتى يُسأل عن عمره فيمَ أفناه ؟ وعن شبابه فيمَ أبلاه..

فهذه الأوقات التي تُهدر هي عمر الإنسان ، فمن رامَ قتل الفراغ فقد رام قتلَ نفسه..

ومنهن من تخرج للتعرّف على كل جديد ، تتباهى به ، أو بمعرفته !

ومنهن من تخرج للسوق في ليالي رمضان لإضاعة الحياء وقلّـة الدِّين ، ويتمثّل ذلك في فتنة الشباب والشابات !!

فتنة الشباب بما ترتديه من ملابس ، وما يفوح منها من عطورات .

وفتنة الشابات بتجرئتهنّ على ذلك الفعل المَشين وتهوينه في أعينهن .

*****

فإنا لله وإنا إليه راجعون..!!
\
\
" منقول بتصرف" من كلام
الشيخ:عبدالرحمن السحيم
حفظه الله تعالى
\
\


2 التعليقات:

لاحول وﻻقوة اﻻبالله كلام صحيح ويدمي القلوب

لاحول وﻻقوة اﻻبالله كلام صحيح ويدمي القلوب

.

.

من درر سلفنا الصالح

قال مالك بن دينار - رحمه الله - : رحم الله عبداً قال لنفسه : ألستِ صاحبة كذا ؟ ألستِ صاحبة كذا ؟ ثم ذمها ، ثم خطمها ثم ألزمها كتاب الله تعالى فكان لها قائداً .

لمراسلتنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

بحث هذه المدونة الإلكترونية