الصفحات

ألا وإنَّ لأرذل العُمرِ لشأن ..!!

قد قدَّر الله أن يتقلَّب خلقُه في الحياة بين الضعف والقوة؛ 
يقول تعالى ذكره:
 ﴿ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً
ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً  ،
فقد يمتدُّ بك العمر فتبلغ أَرْذله ، وقد لا يمتد ؛ كما قال ربنا:
﴿ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ .
هذه المرحلة كثيرًا ماتقضُّ مضجع البعض ، كيف لا !!؟؟
وقد كان رسولنا الحبيب صلى الله عليه وسلم يتعوَّذ منها بقوله: 
" اللَّهم إنِّي أعوذ بك مِن الجُبن، وأعوذ بك من أن أُردَّ إلى أَرْذل العمر، ..... " .
والمراد بالردِّ إلى أَرْذَل العمر: هو بلوغ الهرم والخـرَف، حتى يعود كهيئتِه الأولى في
 أَوان الطُّفولة ؛ ضعيف البِنية ، سخيفَ العَقل ، قليلَ الفهم ".
ويُقال : أَرْذَل العمر أرْدَؤه ، وهو حالَة الهرم والضَّعف عن أَداء الفرائِض ،
وعن خدمةِ نفسِه فيما يتنظَّف فيه ، فيكون كَلاًّ على أَهْله ، ثقيلاً بينهم ،
يتمنَّون موته" ..
تأملت لبرهة لحال قريبة لي قد بلغت من العمر عِتيَّا ، عقيمًا ، كلَّـــــةً ،
لا عائل لها غير أخيها وابنه ومن هم تحته - ،
تلك المرأة كانت في قوة جسم قبل هـرَمها ، فتقوم بشؤون نفسها ،
ومدرِكة لكل من حولها سمعًا وبصرًا ، وكانت لأوقات صلاتها تضع المنبه ،
وتقوم قبل وقته متهيأه ، واليوم رأيت من تغير حالها ،
 ومنظرها مايجعل الرائي في تلك اللحظة لايهنأ بحياته ،
 متخوفًا من بلوغ مآله ، إن طال عمره ، وضعفت حيلته ،
المؤلم في هذا أنَّ جميع من في البيت صغيرًا كان أو كبيرًا تجدهم لفراقها راغبين ، 
لايطيقون كثير طلباتها ، وما هذا إلا من عظيم مايأتي منها
من كلماتٍ شديدة الجرح لهم ، والدعاء عليهم جهرًا وسرًا ،
ولربما بغير إدراكٍ منها ،
- لكن لكل نفسٍ حدٍّ وقدرة في التحمل أمرها بيد خالقها -..
كنتُ أُذهل كثيرًا مما أرى من رداتِ فعل بين الطرفين ،
 وأدرك أنها لو كانت عند غيرهم لما تحملوها ولأودعوها لدارِ رعاية ،
أو هجرٍ بـِحَجْــر ..
وهنا انهمر على النفس سؤَلات ماطرة :
 ماذا لو كنت في مكانهم فما عسايَ فعله ؟!
  أأصبر ؟؟ أأجد لنفسي مخرجًا ؟؟
 أأتذكر نفسي مكانها ؟؟ أأفعل مثلهم ؟؟
... إلى آخره ..
وهنا فتحت مظلة رجائي بخالقي لحجب شديد وابلٍ بي بقولي:
  ليس لي إلا أن يتولاني الله بجميل صبر ، ورضاء نفس، وسَـعة فَـهم ، وعظيم كظم ..
 وقوة بأس .. وكثير شكر ..
لكَم أرى من ضيقٍ قد قَــــرْ في نفوس مَن عندهم من كبار السن من هم في مثل 
حال قريبتي .. ولا أجد حينها سوى الدعاء أن يجعل خير أعمارنا أواخرها ..
وأن لايجعلنا كلًّا ، وأن يُرفق بنا ، كما رُفقنا بهم ،
فلقد عظم بهم البلاء لحياتها .. وكثرت منهم الشكوى لإبعادها ..
وضُيِّق عليهم كل واسعٍ من أمرهم لها ..
نسأل الله لنا ولهم من واسع الفضل والعافية ..
هنا تبقى النفس في حيرة ، وفي عظيم كرب من ولوج حياةٍ كهذه ..
 أو من فجاءةٍ بين عشيِّة وضحاها لمثل ذلك ،
فلا يقوى على تحمل غشيانها ، ولا السبيل للفراق منها ،
وهنا أدلو بدلوٍ في آبار نفوس مجتمعٌ مستقرٌ بها من عظيم مايُكرَّر من خامها
 لكل ما هو ذو عائد نفعٍ ، مثمرٍ غدق ، دائم الفيض مستمر ثـــــــــجٍّ ..
وبقولي: اللهَ الله في عَجائزنا وشيوخنا ، وكل من لهم حقٌّ علينا ...!!
                                  ملحوظة :
لِيُعلم أنَّ ماسال من حبر حول الموضوع ليس لتخطأة أو تصويب أو التعاطف
لأحد الطرفين ..
إنَّـما هُدِفَ به لتحريك مايكمُن في آبار نفوس القرآء
للإدلاء بحلول للتعامل مع مثل هذه الفئة ،
ولتجنب عواقب الأمور لكل من ابتليَ أو بالأصح :
 لكل من رزق بأناس هم مدرار رزقٍ له من حيث لايحتسب ،
 وليُـعنْ من ابتليَ في بئر نفسه بهـــرَمٍ وخرَفٍ قبل حلوله بعمره ..
هذا والحمدلله عدد ماتعاقب الليل والنهار

وعدد ما خلق في الأرضين والسموات
إقرأ المزيد. bloggeradsenseo

.

.

من درر سلفنا الصالح

قال مالك بن دينار - رحمه الله - : رحم الله عبداً قال لنفسه : ألستِ صاحبة كذا ؟ ألستِ صاحبة كذا ؟ ثم ذمها ، ثم خطمها ثم ألزمها كتاب الله تعالى فكان لها قائداً .

لمراسلتنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

بحث هذه المدونة الإلكترونية